لا أحد ينكر أثر الشبكات الاجتماعية على الأفراد و الشركات و حتى الحكومات، فقد بدا أثر هذه الشبكات بشكل واضح منذ اوائل هذه السنة و حتى اللحظة (الربيع العربي) لمن لم يكن يعرف ما هي أصلا هذه الشبكات، لدرجة أن من لم يكن يعلم بها أصبح يلهث ورائها بعدما رأى بأم عينيه أثر هذه الشبكات.
السؤال الآن: كيف يمكن استغلال (او استعمال:)) هذه الشبكات الاجتماعية لفائدة الشركات و خاصة المتوسطة و الصغيرة؟ و كيف يمكن للشركات لمس أثر الشبكات الاجتماعية على أعمالها و المردود المادي و التقييمي لها؟
تطرق الكثير من الاشخاص المختصين بمشاريع التسويق و المبيعات لطرق استعمال هذه الشبكات، و لن أتطرق لهذا الموضوع لمعرفتهم بهذا الموضوع أكثر مني، كل ما يمكن أن اقوله ان هؤلاء لديهم ما يكفي من المعرفة للأخذ بيد أي شركة مهماكان حجمها و إدخالها في دوامة الشبكات الاجتماعية و متابعة أثرها وفقا لمتطلبات الشركة و منتجاتها المعروضة. في الاردن يوجد لدينا (ممن اعرفهم شخصيا) أربع شركات تعمل في هذا المجال بالذات، و الله يوفقهم.
ما اريد التطرق له أن ولادة و نمو الشبكات الاجتماعية تتشابه بشكل ما او بآخر مع نشوء و تطور المواقع الاليكترونية (websites, portals) و كأني أقول: التاريخ لا يعيد نفسه لكن الاحداث تتشابه.
عند نشوء المواقع الاليكترونية أصبح لدى كل شركة الرغبة ان يكون لها موقع اليكتروني، حتى لو كان صفحتين بالوان فاقعة الالوان مع font مقرف…الخ و حتى لو لم يكن صاحب الشركة مقتنع بكل موضوع الانترنت جملة و تفصيلا ثم تطور الموضوع لتحسين المواقع و شكلها، الى تحديث المحتوى عن طريق تطبيقات CMS و من ثم ربط الموقع بمعلومات المستخدمين و ولّعت الامور عند ادخال البيع و الشراء عبر الانترنت و الدعاية و الاعلان و قياس الزيارات و الضغط على الروابط. B2C, C2C, impressions, clicks, e-commerce و بالنهاية انفجرت الفقاعة و فتحت بيوت العزاؤ على مصراعيها في بداية العقد الماضي للتهور الذي حصل في تقييم الشركات (dot coms) و العائد المادي التي تجنيه هذه الشركات ذات التقييم الخالي، و الكل عارف القصة و لا داعي لفتح الجروح.
هل سيؤول مصير الشبكات الاجتماعية لا سمح الله الى نفس نتيجة المواقع الاليكترونية؟ اذا كان الجواب لا، ما هي المؤشرات الملموسة لتأكيد ذلك؟ الى هذه اللحظة، و بعد حوالي خمس سنوات من ولادة الشبكات الاجتماعية لم يتم تحصيل عائد مالي مقنع للشركات المستخدمة لهذه الشبكات (لاحظ اني لا اقصد العائد المادي للشبكات و انما للشركات التي تستخدمها للتسويق او غيره). لا أحد ينكر ان بعض الشركات حققت الملايين من الشبكات الاجتماعية، لكن المحصلة العامة لم تجني الكثير (ان شاء الله اكون غلطان). أيضا الى هذه اللحظة اقبلت الشركات على فتح حساب لها على الشبكات الاجتماعية فقط لوضع بصمتها انها موجودة في هذا الحقل و تعرض للعالم انها حيّة ترزق (و تجد من اتخذ القرار لا يعرف ما معنى فيسبوك).
العائد الواضح و الملموس من استخدام الشبكات الاجتماعية هو الزيادة في تواصل الشركات مع الزبائن و تسويق المنتجات بطريقة مبتكرة (بعض الشركات تعتقد ان هذا الكلام ما بطعمي خبز)، المشكلة في هذا ان الادوات المستعملة لقياس اثر هذا التسويق و التواصل مع الزبائن تكاد تكون معدودة على الاصابع و قد لا تكون دقيقة او لا تعطي البيانات المرغوبة للشركة للمساعدة في إتخاذ القرارات المستقبلية. قد يكون سبب قلة الادوات هو العمر الصغير للشبكات و اعتمادها رسميا من عمالقة التسويق و المبيعات. لننتظر و نرى.
طيب؟ و بعد كل هذه المثبطات ما العمل؟ ببساطة لا اعرف:) لكن يمكن ايجاد طريقة لتوظيف الشبكات الاجتماعية و تحقيق العوائد الملموسة بربطها مع انظمة الشركة الموجودة أصلا و تم إثبات جدواها عبر السنين الماضية داخل الشركة. اي بمعنى، اعتبار الشبكات الاجتماعية كأداة إتصال (communication channel) مثلها مثل اي اداة اخرى مستخدمة مثل الايميل، الرسائل القصيرة، تطبيق خاص (customized applications inbox) الخ. قد تكون هذه الطريقة غير مجدية لبعض انواع الخدمات و لكن على الاقل هناك دلائل و لو بسيطة لنجاحها أخذاً بالاعتبار نجاح ادوات الاتصال المطبقة.
نقطة أخيرة: العمر الافتراضي لخدمات الانترنت و الجوال أصبح قصيراً مع الزمن، لاحظ أن عمر المواقع الاليكترونية أخذ حوالي 20 سنة الى ان حدثت الازمة، و لاحظ أن عمر اول تلفزيون و راديو و هاتف محمول و تدريجيا بدأ بالتناقص (بعض الناس بيدل هاتفه كل 3 أشهر) و بالتالي قد (لا سمح الله) يكون عمر الشبكات الاجتماعية قصيراً